الاثنين، 22 سبتمبر 2014

56- السماع والوجد عند النقشبندية لأهل التلوين لا التمكين



يقول الإمام الرباني قدس سره   1034 هـ) فيقول: ((اعلم أن السماع والوجد ينفع جماعةً متصفين بتقلب الأحوال ومتسمين بتبدل الأوقات فوقتا حاضرون ووقتا غائبون، ووقتا فاقدون ووقتا واجدون، وهم أرباب القلوب في مقام التجليات الصفاتية، ينتقلون من صفة إلى صفة، ويتحولون من اسم إلى اسم، وتلون الأحوال نقد وقتهم، وتشتت الآمال حاصل مقامهم، يستحيل في حقهم دوام الحال، ويمتنع استمرار الوقت فزمانا في قبض، وحينا في بسط فهم أبناء الوقت والمغلوبون وأرباب الأحوال والمقهورون، فتارة يعرجون وأخرى يهبطون، وأما أرباب التجليات الذاتية الذين خلصوا من مقام القلب بالكلية ووصلوا إلى مُقَلِّبه، وحُرِّروا عن رق الحال إلى مُحَوِّله، فلا يحتاجون إلى السماع والوجد فإن وقتهم دائمي وحالهم سرمدي، بل لا وقت لهم ولا حال، فهم آباء الأوقات وأرباب التمكين وهم الواصلون الذين لا رجوع لهم أصلًا ولا فقد لهم قطعًا، فمن لا فقد له لا وجد له)) [نقله عنه: مولانا محمد أمين الكردى، "المواهب السرمدية"، (ص 195)].

الثلاثاء، 16 سبتمبر 2014

55- الكرامات والولاية والإرشاد



الكرامات والولاية والإرشاد

هناك العديد من الأسئلة التى قد تطرح تحت عنوان الكرامات مثل: لماذا تظهر الكرامات على يد بعض الأولياء دون بعض، أو قد تظهر عليهم فى بدايتهم دون نهايتهم؟ وهل العلاقة بين الولاية والكرامة طردية؟ وما علاقة الكرامة بالترقى والتدلى ؟ وما علاقة الكرامة بالأخذ بالأسباب؟ وهل ظهور الكرامات على يد المرشد أفضل أم الأخذ بالأسباب؟ وهل يشترط أن يعرف الولى بكرامات نفسه، أم قد تقع دون علمه؟
إلى غير ذلك من أسئلة يجيب عنها الإمام الرباني قدس سره   1034 هـ) فى نص كاشف فيقول رحمه الله: ((اعلم أن الولاية عبارة عن الفناء والبقاء والخوارق من لوازمها، ولكن ما كل من كانت خوارقه أكثر تكون ولايته أتم وأكمل؛ بل تكون خوارقه أقل وولايته أتم وأكمل ومدار كثرة الخوارق على شيئين وهما: أن يكون الصعود في وقت العروج أكثر، والهبوط في وقت النزول أقل، بل الأصل العظيم في كثرة ظهور الخوارق هو قلة النزول كيفما كان العروج؛ لأن صاحب النزول ينزل إلى عالم الأسباب فيجد الأشياء مربوطة بها ويرى فعل المسبب من ورائها والذي لم ينزل أو نزل، ولكنه لم يصل إلى الأسباب فنظره مقصور على مسبب الأسباب، والأسباب قد ارتفعت عن نظره، والحق سبحانه يعامل كل أحد على حسب ظنه فيقضي أمر من يرى الأسباب بها ويقضي أمر من لا يرى الأسباب بدونها قال تعالى في الحديث القدسي: «أنا عند ظن عبدي بي».
ولطالما كان يخطر ببالي أنه ما السبب في كون الخوارق التي ظهرت على يد الشيخ عبد القادر رضى الله عنه لم تظهر على يد كثير من كمل الأولياء السابقين حتى أطلعني الله تعالى على سر ذلك وهو أنه كان عروجه أعلى من أكثر الأولياء وفي جانب النزول كان نزوله إلى مقام الروح الذي هو فوق عالم الأسباب ومما يناسب هذا المقام ما حكي أن الحسن البصري رضى الله عنه كان واقفًا على شاطئ النهر ينتظر السفينة، فجاء حبيب العجمي رضى الله عنه فوجده واقفًا، فقال له: ماذا تنظر؟ قال السفينة. فقال له: وأي حاجة إلى السفينة؟ أما لك يقين؟ فقال الحسن: أما لك علم؟ ثم مشى حبيب على الماء، وبقي الحسن حتى ركب في السفينة، فلما كان الحسن نازلًا إلى عالم الأسباب عاملوه بها وحبيب لم ينزل فعاملوه بدونها، والفضل للحسن فإنه صاحب علم جمع بين علم اليقين وعين اليقين وعرف الأشياء كما هي وفي نفس الأمر ، جعلت القدرة مستورة خلف الحكمة ، وحبيب العجمي صاحب سكر وله يقين بالفاعل الحقيقي من غير أن يرى للأسباب مدخلًا وهذه الرؤية غير مطابقة لما في الواقع، فإن توسط الأسباب كائن وحاصل.
وأما شأن التكميل والإرشاد فهو بعكس طريق ظهور الخوارق، فإن في مقام الإرشاد كلما كان نزوله أكثر كان في الإرشاد أكمل؛ لأنه لا بد من حصول المناسبة بين المرشد والمسترشد وذلك منوط بالنزول.
واعلم أنه كلما كان الصعود أعلى يكون الهبوط أنزل؛ فلهذا لما كان ترقى نبينا عليه الصلاة والسلام أعلى وأرقى من ترقي جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كان نزوله أقوى من الجميع فكانت دعوته أتم؛ ولذلك أرسل إلى كافة الأنام، فإنه بسبب نهاية النزول حصل المناسبة بالجميع فصار طريق الإفادة فيه أتم وربما تحصل الإفادة من المتوسطين في هذا الطريق أكثر من المنتهين الذين ما رجعوا؛ لأن مناسبة المتوسط للمبتدئ أكثر من ذاك فمدار كثرة الإفادة وقلتها على الهبوط والرجوع  لا على الانتهاء وعدمه.
وها هنا دقيقة: وهي كما أنه ليس من شرط الولاية علم الولي بنفس ولايته كما هو المشهور كذلك ليس من شرطها علمه بخوارقه فربما ينقل الناس عنه خوارق شتى وهو لا علم له بها وكان شيخنا قدس سره يقول: والعجب أن الناس يأتون إليَّ من الأكناف والأطراف فبعضهم يقول: رأيناك في مكة وبعضهم يقول رأيناك في بغداد فيظهرون الصحبة والمعرفة والحال أني ما خرجت من بيتي فما هذا الافتراء!)) [نقله عنه: مولانا محمد أمين الكردى، "المواهب السرمدية"، (ص 191- 194)].

الجمعة، 12 سبتمبر 2014

54) إزالة المرض القلبى بالذكر



أحد غاية الطريق الصوفى هو إزالة المرض القلبى، يقول الإمام الرباني قدس سره   1034 هـ): ((إن إزالة المرض القلبي في هذه الفرصة اليسيرة بالذكر الكثير من أهم المهمات وعلاج العلة المعنوية في هذه المهلة القليلة من أعظم المقاصد، والقلب المبتلى بالغير لا يرجى منه خير، لا يقبلون هناك إلا سلامة القلب وخلاص الروح، ونحن هنا دائمًا في تحصيل أسباب ابتلائهما هيهات هيهات وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون)) [نقله عنه: مولانا محمد أمين الكردى، "المواهب السرمدية"، (ص 191)].
فالإمام الربانى ينعى على من يدعى السلوك والتصوف وهو بدل أن يسعى فى إزالة المرض القلبى وخلاص الروح يسعى فى تحصيل أسباب مرضهما بالذنوب والغفلة وعدم الصدق فى الطريق.

الخميس، 11 سبتمبر 2014

53) النفس أصل كل بلاء:

يقول الإمام الرباني قدس سره (ت  1034 هـ): ((اعلم أن أصل كل بلاء إنما يكون من الابتلاء بالنفس ، ومتى تخلص الإنسان منها تخلص من الابتلاء بما سواه تعالى، فإن كان يعبد الأصنام فإنما يعبد نفسه في الحقيقة ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ﴾ [الجاثية:23]، خلِّ نفسك وتعالَ. وكما أن الخروج عن النفس والمرور عنها فرض، كذلك الدخول إليها والغوص فيها لازم، فإن الوجدان إنما يكون فيها ولا يكون في الخارج عنها، السير  الآفاقي بُعد في بُعد، والسير الأنفسي قربُ في قرب، فإن كان هناك شهود ففي النفس أو معرفة فكذلك أو حيرة فكذلك وليس في خارج النفس موضع قدم، فخالي الذهن يفهم الحلول والاتحاد من هنا، ويقع في ورطة الضلال؛ إذ الحلول والاتحاد كفر، والخوض في هذا المقام بالفكر قبل التحقق ذوقًا حرام)) [نقله عنه: مولانا محمد أمين الكردى، "المواهب السرمدية"، (ص 190)].
فمحل السير عند النقشبندية – شأنهم شأن أرباب التصوف جميعا – هو السير النفسى، لا الآفاقى، فالنفس هى محل السير والسلوك، وهى محل الشهود ، ومحل المعرفة، ومحل الحيرة، فكل هذا إنما هو داخل النفس البشرية لا خارجها، ومن لا يتذوق هذا ويعيه وعيا واضحا يقع فى الحلول والاتحاد اللذين هما كفر.

الجمعة، 5 سبتمبر 2014

52)وسائل عملية للوصول لمقام العبادة:


 يرتب لنا حضرة الشيخ عبيد الله أحرار قدس سره (وهو أحد رجال السلسلة النقشبندية قدس الله أسرارهم العلية، ت  895 هـ) مقدمات واضحة ومتسلسلة للوصول لمقام العبادة عند السادة النقشبندية فيقول قدس سره:
((حقيقة العبادة خضوع وخشوع وانكسار يظهر على قلب ابن آدم من شهود عظمة الله تعالى، وهذه السعادة موقوفة على :
1- محبة الله تعالى.

 2- وهي موقوفة على اتِّبَاع سيد الأولين والآخرين عليه من الصلوات أكملها ومن التحيات أتمها.

 3- وهو موقوف على معرفة طريقه.

 4- فلزم لذلك بالضرورة مصاحبة العلماء الوارثين لعلوم الدين.

 5- وتلقي العلوم النافعة عنهم حتى تظهر المعارف الإلهية المنوطة بمتابعته صلى الله عليه وسلم.

 6- ومجانبة علماء السوء الذين اتخذوا الدين وسيلة لجمع الدنيا وسببًا للجاه، والمتصوفة الرقاصين، وأهل السماع الذين يتناولون ما يجدون من حلال وحرام.

 7- وعدم الإصغاء للمسائل المخالفة لعقائد أهل السنة والجماعة من مشكلات علم الكلام والتصوف)) [ مولانا محمد أمين الكردى، "المواهب السرمدية"، (ص 174)].

الخميس، 4 سبتمبر 2014

51) وسائل دفع الخواطر الردية :

 :
يحدد لنا حضرة الشيخ عبيد الله أحرار قدس سره (ت  895 هـ) عدة وسائل لدفع الخواطر الرديئة، فيقول : ((دفع الخواطر الرديئة والمقتضيات الطبيعية لا يحصل إلَّا بأحد أمور ثلاثة:

أولها: أن يشتغل بما قرره السادات في الطريقة العلية مع اختيار رياضة طريقتهم ومجاهدتهم.

 ثانيها: ألَّا يرى لنفسه حولًا ولا قوة؛ بحيث يتحقق أنه لا يقدر أن يزيل حجابًا ما لم يزله عنه تعالى، فيتضرع إليه سبحانه حتى يخلصه من الحجب.

 ثالثها: أن يكون متوجهًا إلى شيخه يستمد منه ويعتمد أنَّه لا يقدر أن يتوجه إلى الله تعالى إلَّا بواسطته، وهذا أقرب الطرق وأسهلها وأحسنها، ولا بد أن يصل من هذا الطريق إلى المقصود الأصلي الحقيقي)) [مولانا محمد أمين الكردى، "المواهب السرمدية"، (ص 169-170)].

ويمكننا القول بأن دفع الخواطر هو مقدمة أولية للوصول لغاية السلوك بالحضور الدائم مع الله تعالى، ولا يمكن هذا الحضور إلا بأكثر من مقدمة مرتبة بعضها على بعض، أولها: دفع الخواطر، ومتى اندفعت الخواطر الردية، حصلت جمعية الخاطر على الله تعالى، فيصح منه التوجه إلى الله تعالى، ويحصل الحضور مع الله تعالى، وهو المقصود. (عصام أنس الزفتاوى).

الأربعاء، 3 سبتمبر 2014

50) من المكر الإلهى: توالى النعم مع التقصير - بقاء الحال والوجد مع ترك الأدب:

من المكر الإلهى: توالى النعم مع التقصير - بقاء الحال والوجد مع ترك الأدب:

 يرى شيوخ النقشبندية أن من المكر الإلهى بالصوفية إبقاء المواجيد والأحوال الإلهية عليهم مع الإخلال بالآداب، يقول حضرة الشيخ عبيد الله أحرار قدس سره (ت  895 هـ): ((المكر مكران؛ مكر بالعوام: وهو إن ينعم الله على العبد مع استغراقه في القصور، ومكر بالخواص: وهو إبقاء الوجد والأحوال عليه مع تركه للأدب)) [نقله مولانا محمد أمين الكردى، "المواهب السرمدية"، (ص 169)].
فهنا يحذر حضرة الشيخ عبيد الله أحرار الصوفية من ترك الآداب والإخلال بها، وعدم مراعاتها، مع بقاء الوجد والأحوال الإلهية عليهم، وأن ذلك لا يكون علامة على الصدق والولاية، بل علامة على المكر الإلهى بهم، فإن الوجد الصحيح والحال المليح إنما يكون مع مراعاة الآداب الشرعية فى كل وقت وحال.
كما يحذر العامة من توالى نعم الله تعالى عليه مع بقاء تقصيرهم، وأن ذلك يكون من علامة مكر الله بهم، وليس من علامة رضا الله عنهم كما قد يتوهم بعضهم من أن النعمة علامة الرضا، بينما قد تكون علامة المكر إذا كانت مع التقصير، وإنما تكون علامة الرضا إذا كانت مع الطاعة والتوفيق لأداء حقها من الشكر. (عصام أنس الزفتاوى)

49) التصوف والوقت:

التصوف : صرف الوقت فيما هو أولى به (حضرة عبيد الله اﻷحرار من رجال الطريقة النقشبندية قدس الله أسرارهم العلية  ت 895 ه، ناقﻻ له عن الشيخ أبى سعيد بن أبى الخير، والذى اختار هذا التعريف من ضمن 700 تعريف، انظر: المواهب السرمدية ص 168).
الوقت هو رأسمال الصوفى، ولكل وقت واجب، يعرف بواجب الوقت، وﻻ يعرف واجب الوقت إﻻ بمعرفة أحكام الشرع (عصام أنس الزفتاوى).

الاثنين، 1 سبتمبر 2014

48) ﻻ بد من استعداد المريد وتهيؤه:

ﻻ بد من استعداد المريد وتهيؤه:
"هيىء السراج والفتيلة والزيت ، وترقب الكبريت (حضرة يعقوب الجرخى ت 851 ه، من شيوخ الطريقة النقشبندية ، قدس الله أسرارهم العلية، نقله عنه موﻻنا الكردى فى المواهب السرمدية ص 162)
والمعنى أن على المريد أن يعد قلبه ويهيؤه وقد كنى الشيخ يعقوب عنه هنا بالسراج فعلى المريد أن يهيئ سراجه قلبه ويطهره وينظفه ويعد فتيلته ويملؤه بالزيت . ودور الشيخ كالكبريت الذى هو وسيلة ﻹيقاد السراج فحسب. فمتى لم يتحقق اشتعال السراج فليس لقصور الكبريت عن إشعاله وإنما لعدم تهيئة السراج وعدم صﻻحية فتيلته أو فراغه من الزيت.
وزيت السراج وفتيلته ما هو إﻻ مراعاة اﻵداب المنتجة ﻵثار السلوك من التوبة الصادقة والتوجه واﻹخﻻص والهمة وطلب الحﻻل ومحبة الشيخ ... إلخ .
ودون التحقق بتلك اﻵداب ﻻ يثمر التلقين وأخذ العهد وﻻ تؤتى صحبة الشيخ ثمارها.
إذا لم يكن سراج وﻻ فتيلة وﻻ زيت فأى شىء سيشعله الكبريت(عصام أنس الزفتاوى)

ابحث

Google